الفصل الثاني عشر
جرح اخر ونزيف اعمق اصاب فؤادي…
لماذا يا قدري تصيبني بتلگ السهام الجارحه…؟!
فـ لقد صبرت على اول جروحي، اما هذا فمن الصعب، بل من المستحيل ان اتخطاه..
الضربه كانت كالمطرقة فوق قلبي، قسمه شقين..
آآآه على اول مره فرحتي التي انطفأ ضياءها وسكنت الثرى..
فـ صبرا جميلا يا وتيني..
* * * * * * * * *
همس لها بصوت منخفض قائل:
– البقاء لله يافندم.
لم يستوعبا كل من “غزال” و “أمان”
تلگ الصدمه، كيف حدث ذلگ؟ كيف لمجرد درجة سخونه تفعل هذا به؟
وضح الطبيب بأنها حقًا السبب ناتج عن ميكروب شديد اصابه، نتج عنه هذه التشنجات وزيادة كهرباء في المخ، اودت به في الحال.
ظلت “غزال” جاحظة العينين، تذرف دموع من مقلتيها انهار دون توقف، تحاول تستوعب ما قاله الطبيب منذ لحظات، أيعقل هذا أن ما لها في هذه الدنيا رحل في غمضة عين ؟!
عقلها غير قادر على استعاب هذه الصدمه، قلب “أمان” يتمزق من أجلها، يريد أن يضمها لقبله ليخفف عنها هذا الألم، لكن يده مقيده بسلاسل من حديد، وليس معه مفاتيحها ليحلها ويحررها، لكن قلبه يواسيها، رمقها بأعين مرغرغه بسحابه من الدموع واقفه على حافه اهدابه مهدده بالتحرر، لكنه ما زال قادر على سجنها حتى لا يضعفها أكثر مما هي عليه، هزها بقوه لتفيق مما عليه، اهتزت عيناها بتيه، وحينما استوعبت تلگ الفجعه التي اصابتها، شعرت بقهر السنوات كلها داخل قلبها الذي لم يتوقف نزيفة لحظة، سيل ادمعها قي سيلان لا يتوقف انهماره ثانية، كأن اقدارها اذاقتها من جديد الآلام و وجع فوق احتمالها مره ثانية، لكن في هذه المره أشد وأقصى مما مضى، لماذا اذاقها كل هذا الألم كأن لا يوجد بشر على هذا الكوكب يرتشف منه كأس المرار إلا اياها؟
فلماذا لا يترگ صغيرها الذي تمنته وكانت تحيا مع أجله وتحملت كل الذل والمهانه من اجله هو فقط، والآن خطف الموت من بين احضانها في غمضة عين.. اي عدل تراه تلگ السماء لتسقيها من مُر وعذاب كؤوس لا تنتهي؟!
أين الرحمه في كل هذه الابتلاءات؟
صرخت بأسمه بكل ما اوتيت من صوت، اهتز له جدران قلب “أمان” قبل جدران المشفى، وركضت مهروله لغرفة صغيرها؛ وجدته نائم كالملاگ الصغير في فراشه، تبسمت له بحب ظنًا انه سيبادلها الابتسامة كعادته.. لكن هذه المره اغتيلت تلگ الابتسامة ودفنت ولن تعود…
اقتربت منه وهزته بقوه قائلة بوجع يمزق نياط قلبها بين شهقاتها:
– شادي قوم يا حبيبي اصحى، قوم عشان نروح مع بعض.. أنا جنبگ وعمري ما هسيبگ لحظة واحده، شادي قوم بقى انا عارفة انگ نايم من التعب وهتقوم دلوقتي… شادي والنبي ما تسبني لوحدي انا مليش حد غيرگ في كل الدنيا دي.. شادي اصحي بقى حرام عليگ، انا هموت لو سبتني.. أنا اتحملت عشانگ كتير، و وقفت على رجلي تاني عشانگ انت بس.. ليه تسبني وأنا لسه في وسط الطريق.. لا يا شادي مستحيل تكون دي النهاية ابدا؟! إحنا لسه ملحقناش نشبع من بعض.. ملحقتش حتى اسمع منگ كلمه ماما.. ليه تسبني بسرعة كده بدون اي انزار؟!
آآآآه آآآه ياشادي على قلبي اللي اتكسر، وظهري اللي انحنى من بعدگ… آآآآآه ياربي صبرني يااارب.
لم يتحمل “أمان” كل هذا النواح، حلل كل قيوده وهرول نحوها يوقفها من جديد على قدماها، فرمت نفسها بداخل احضانها، فشتدت في ضمته يحتويها في اشد لحظة ضعف تمر بها، رافضا لاي صوت عقل او ضمير بما يفعله؛ فكل الذي يهمه تلگ الحزينه المقهوره يهدأ من روعها، ظلت تبكي وتصرخ بأسمه، فترة حتى لاحظ ارتخاء جسدها وخارت قواها، واقعه على الأرض، فشتد بها، وهو يصرخ بأسمها مناديًا على أحد ينقذها، حملها ليضعها على الفراش، ثم خرج ليرى الطبيب، وإذا به يلمح اخاها أمامه، وحين أرى فزعه سأل عن اخته وابنها، عرف ما حدث لهما، اغمض عيناه بألم شديد، ودلف لها ليفيقها، بينما “أمان” ذهب ليستدعي الطبيب.
دموع “سند” كانت تسبقه، قلبة كان ينوح قصائد حزن وألم على اخته التي لم تسعد يومًا في حياتها، وحين بدأت اسعادة روحها وثقتها بنفسها، جاءت لها الضربه فوق كل قوتها، فقد كان قلم الاقدار لها كسر فؤادها واقوى مما كانت تتخيل، اقترب منها وحاول ايفاقتها لكنه فشل، جاء الطبيب وفحصها وبلل قطنة منغمسه بالعطر، وحين استردت وعيها صرخت بصوت حزين يمزق كل القلوب، اشتد اخاها في احتواءها، وعندما شعرت بوجوده انهارت في سيل من البكاء غرق كل من واقف بجوارها، فقد كانت العبرات تجري فوق وجنتيها جمره نار تحرق فؤادها قبل وجنتيها هاتفة:
– شادي راح يا سند… ابني وكل عزوتي راح من غير ما حتى اوعده.. كان نفسي اسمع صوته وهو بيناديني، ملحقتش اسمعه ولا يكلمني.. آآآه يا شادي، يا ابن عمري واول فرحتي اللي انطفت من بعدگ يا بني.
ربت على ظهرها بحنان، وصوت شهفاته يشطارها اوجاعها قائل:
– وحدي الله ياحبيبتي، قضاءه واسترد امانته اللي ملناش دخل فيها، ارضي بنصيبك وقولي اللهم اجرني في مصيبتي، وصبربي علي ابتلاءك.
ابصرته وصوت شهقاتها يعلو ردت عليه:
– مش قادرة يا سند، والله ما قادرة، واشمعنى انا اللي يحصل معاها كده؟ ما كل العيال بتتطعم وبتسخن، ليه هو بالذات يحصل معاه كده ويموت مني في غمضة عين.. والله ده حرام.. حرام، ومحدش حاسس بوجعي والآمي.
لم يتحمل “أمان” ان يراها هكذا، صورتها توجعه، يريد مساعدتها ويده مغلوله مقيدة، جاء في ذهنه وميضه انارت ظلمته، خرج من الغرفة، وامسگ هاتفه قام بمهاتفة أخته يبلغها بما حدث، ثواني مرت وجاء ردها قال بنبره حزن:
– الحقي غزال يا آلاء.
– مالها غزال يا أمان، انطق فيها اية؟
قص عليها ما حدث، و وصف لها حالتها، فقالت بخوف:
– لاحول ولا قوة الا بالله، كل ده حصلها، دي ملحقتش تفوق يا قلبي، كده حالتها اتنكست ويا عالم هتقدر تخرج منها ولا لأ؟
– لا متقوليش كده يا آلاء، لازم تخرج كلنا هنفضل جنبها عشان تعدي ازمتها، تعالي بسرعة متتاخريش ارجوكِ، حالتها صعبه اوي.
– مسافة الطريق، انت فين؟
ابلغها بمكانه ثم اغلق معها ودخل ليشاهدها، فوجدها كما هي، اقترب من “سند” وابلغه بأن عليه استلام الطفل لعمل اجراءات دفنه، سمعت همسه فزادت شهقاتها، فانصرف يستخرج تقرير من الطبيب المختص لوفاة الطفل ليكمل في الصباح استخراج دفنه.
جاءت “آلاء” وهاتفت “أمان” ليبلغها بمكانه، ذهب لها وحين وصلت ورأت انهيارها، طلبت اخاها بضرورة توجهها للمشفى لتلقي العلاج، رفض “سند” وطلب منها ان تقوم بمعالجتها في منزلها، حاول مساعدتها حتى تقوم تقف على قدميها، وقفت بصعوبه، ساعدتها “آلاء” سارت معهم بخطى بطيئة، غير مبالية بما يحدث، تردد بهمس اسم فلذة كبدها حتى وصلت لسيارة اخاها وركبت بالداخل معه بجوار “آلاء ” في المقعد الخلفي، و آتى” أمان” خلفهم يحمل الصغير الذي كان ملتفًا بغطاءه، وضعه بجانبه، وذهب لمقعده في وضع السائق وانطلق خلفهم لمنزلها، وحين وصلت ورأت والدتها حالتها هكذا، انفطر قلبها عليها، وسألت ابنها، وحين علمت، صكت على صدرها من هول ما سمعت، احتضنت ابنتها وانهارت معها في البكاء، تحدثت ” آلاء” مطالبه من “سند” يجلب لها حقنه مهدئة تعطيها لها، وعندما نزل وجد “أمان” امامه يسأله:
– الولد معايا، اطلعه فوق، ولا هتاخده عندگ عشان بكره نحسن مثواه؟
– مش عارف والله، خايف اطلعه تشوفه تنهار اكتر، ده أنا حتى رايح اجبلها حقنه مهدئه طلبتها الدكتورة آلاء.
– طب اطلع انت وأنا هروح اجبها، قولي اسمها، وخد انت الطفل من غير ما حد يشوفه، وربنا يصبركم يارب.
– يارب، والله أنا ما عارف اشكرك على وقفتك معانا ازاي يا دكتور أمان.
– مفيش شكر بينا، اعتبرني زي اخوگ.
– واكتر، انت نعم الأخ.
ابتسم بحزن له، واخذ الطفل منه، وابلغه اسم الحقنه، شعور يقهر القلب عندما ضمه لقلبه، قبله بحنان، وبقلب يزدف دموع لا تنتهي، فقد كان يشعر بأن “شادي” بالنسبه له ابنًا ثالث مع ابناءه، احبه بمقدار حبه لأخته، فاذا كان هو خاله ومتألمًا بشده له، فما بال بأخته المنهاره لأجله، دعا الله أن يهون عليها.
صعد لأعلى ليواسي اخته، تذكر انه لم يبلغ زوجته، فقام بمهاتفتها وابلاغها بما حدث، تأثرت بشدة وابلغته بأنها ستأتي له فورًا هي والأولاد ليقفوا جميعًا بجانبها في مصابها.
أغلق معها وابلغ “والد فؤاد” بتلگ المصيبه، صدم الجد، فسأله كيف حدث ذلگ، ابلغه “سند” بالتفصيل، فلم يتحمل الرجل وظل يبكي كالطفل الصغير، فقلبه كان يحدثه والقبضة التي سكنت ثناياه كانت تبلغه بشيء سيئ سيحدث، لكنه كذب نفسه، والآن صدق احساسه، طلب منه بالا يتأخر غدًا ليكون برفقته في انتهاء كل الاجراءات، واغلق معه، ودخل في غرفة يضع فبها الصغير، وأغلق بابها باحكام.
جاء “أمان” ومعه الحقنه واعطاها لاخته، التي عبئتها واعتطها لها لتهدأ من نوبة البكاء الشديدة، دقائق مرت حتى خارت كل قواها، دثرتها بحنان والدتها، ثم خرجوا جميعًا للخارج لترتاح، سألت الأم عن حفيدها، رد ابنها وابلغها انه بالداخل وغدا سيقومون بدفنه في مدافن الأسرة، دعت ان يصبر قلب ابنتها ويلهمها رب العالمين الصبر، آمن علي دعاءها الجميع، ثم وقف “أمان” واستأذن لينصرف، ووعدهم بأنه سيكون متواجد في الصباح الباكر بمشيئة الرحمن معهم، وبرفقته اخته، شكروه كثيرًا على وقفته الرجوليه معهم، ثم انصرف ليقوم بإيصال “آلاء” لمنزلها، ويبيت هو مع والدته حتى يأخذها في الصباح اليهما.
وحين انصرفا، طرق باب الشقة، نهضت لفتحه وجد زوجته جاءت لتواسيه، وصافحت والدته وشاركتها حزنها، فسأل “سند” عن اولاده، فقالت:
– اتصلت ببابا جه اخدهم، مكنش ينفع اجبهم في الظروف دي، وخوفت يتشاقوا، فعرض عليا بابا انه يجي ياخدهم يقضوا يومين عنده، عقبال بس ايام العزا تنتهي.
– عين العقل، احسن برضو، كويس انك اتصرفتي كده، بس خايف نتقل عليهم.
– متقولش كده يا سند، إحنا اهل، ولو الأهل متوقفش جنب بعضهم في وقت الزنقه يبقى لزمتهم اية، وربنا يصبركم يارب، ويكون في عون غزال ويقدرها تجتاز حزنها يارب.
كان يوم حزين على الجميع، ورائحه الموت مسيطرة على جميع جدران المنزل، تشتمها “غزال” بقوة برغم انها في حالة استرخاء، دموعها ما زالت في الانهمار لا تجف، محتضنه اخر ثياب لصغيرها كان يرتديه، تضمه داخل صدرها كأنها تحتضنه هو، تتذكر ضحكاته لها، صوت ملاغته لها الغير مفهوم، كل شيء، وضعت يدها على بطنها متذكره ركلاته الضعيفه أول مره تشعر بها، ومع مرور الأسابيع
تزاد الركله قوة، فتبتسم له وتحدثه وتربت عليه، فيصمت عندما يسمعها تحدثه، فكم من المرات كانت تتحدث معه طوال ليلها، وتهمس له باشتياقها لرؤياه، ولكن الآن رحل في هدوء وبدون وداع، رحل وتركها حزينة محطمه، بائسة، بل كاره للحياة كلها، فكرت في ان ترحل معه ولا تتركه وحيدًا، لكنها برغم كل اوجاعها اشفقت على والدتها، فهي جربت وشعرت معنى حرمان الابن، وتجرعت من كأس الألم والفراق، فلا تتمنى أن ترتشف منه والدتها، نظرت للسماء ودعت الله أن يلهمها الصبر.
واشرقت شمس نهار جديده، لكنها كانت اصعب يوم مشمس حار بحرارة نار جهنم عليها، اليوم هو يوم الوداع الذي بصم بجمرة نار داخل قلبها تحرقها لاخر يوم في عمرها، اسوء ذكرى في حياتها ستحفر بذاكرتها، ولا تستطيع الأيام نسياها.
كانت مثل الروبوت يتحرگ بدون روح، مرتدية لباس الحزن على جسدها، واضعه نظارتها السوداء على عيونها مثل ايامها المقبله، تداري بهما دموعها التي تسيل ابحارًا، الجميع يقفون يساندونها، وكل الأعين تشفق عليها وعلى من سيسكن الثرى بعد لحظات.. فقد كان محمولا في نعشه الصغير كالملاك، جده في المقدمه من جهة اليمين، فحالته لا تقل عن امه المنهاره، وخاله “سند” من جهة اليسار ومن خلفه يشارك في حمله “أمان” وغيرهم من الاصدقاء والاقارب، ومن خلفهم تسير السيدات رافعين سبابتهم وصوتهم يعلو بقول واحد “لا اله إلا الله”
وبعد مرور وقت انتهى كل شيء، وقف الشيخ ودعا له كثيرًا والجميع أمن على دعاءه، ثم انصرفوا وبقى اقرب الاقربين فقط.
وبعد عذاب طويل متغلف بدموع الحرقه والفراق ودعت “غزال” فقيدها، كانت جالسة داخل مدفن الأسرة بعدما تم مراسم الدفن، رافضة الانصراف بأن تترگ فلذة كبدها وتمشي بدونه، حاولت الصراخ لكن صوتها لم يسعفها.. فقد كان مبحوح.. لعابها به مرار كل السنوات التي مضت… ولكن قلبها هو من يتألم ويصرخ بكل ما أوتي من قوة… حاول
الجميع معها جعلها تقف للانصراف؛ فلم تعد قوتها التي كانت مدعياها تصمد معها وتبث بداخلها القوة، خارت وهدمت كل جبال الصبر فوقها، فلم تعد قادرة على الصبر او التحمل.. رمقت الكل في حده وتعجب، كم ودت أن تصرخ فيهم وتتسائل؛ لما لا أحد يشعر بتلگ النيران المتوهجه داخل قلبها، فلم يجرب أحدهما معنى فقدان جزء من قلبگ نبض داخل احشاءه وشاركه كل لحظاته لشهور طويلة.. ترى نظرات الشفقه في اعنيهم، لكنهم لم يقدروا مدى قهرتها، ضمتها والدتها في احضانها وقالت:
– قومي يا بنتي معايا، القعده دي ملهاش عازه غير زياده وجعگ وبس.
بعيون مهزومه، مكسوره باكية قالت بصعوبه وهي تدفع يداها لتركها:
– معقول عايزاني امشي وسيب حته من قلبي تحت التراب؟!
ازاي هقدر يا ماما امشي وهو مدفون تحت، وانا اروح بيتي وارتاح على سريري عادي… انا مش متخيله اني مش هشوفه تاني، مش هصحي من عز نومي على عياطه عشان ارضعه او اغيرله… مش هشوف ابتسامته اللي كانت مصبراني على ظلم الايام ليا.. اااه ياوجع قلبي عليگ يا ضنايا.
اشتدت والدتها وبكت بحرقه معها، فهو كان اعز احفادها لقلبها، وتربى على يدها، لكن ارادة الله نفاذه، قالت لها بصوت باكي:
– استهدي بالله واذكريه يا بنتي، احنا لينا اية في روحنا، الأمانه ورجعت لبارءها، اصبري واكيد عوض ربنا كبير.
خرجت من احضانها مسائلة بوجع وغضب يعتليها:
– اي عوض في الدنيا ممكن يعوضي عنه؟ مفيش حاجة تطفي نار قلبي غير رجوعه ليا من تاني…اي عدل يقول ان اللي عشت عشانه وملحقتش افرح بيه يروح مني في غمضة عين ؟!
– أستغفري ربگ، مقوليش كده، ده ربنا الحكم العدل، واسمه العدل، وحرم على نفسه الظلم، قومي الله يهديكي، وادعيله يهون عليكي، واصبري على ابتلاءه.
– مش قادرة يا ماما، رجلي مش شيلاني والله، أنا حاسه ان خلاص ظهري انكسر من بعده.
حين سمع اخر جملتها، مد “سند” يده لها محتضنها قائلا:
– اياكِ سمعگ تقولي كده في يوم يا غزال، أنا ظهرگ وسندگ يا اختي، يوم ما اموت قوليها بالفم المليان ظهري انكسر؛ لكن طول ما انا عايش مش عايز اسمعها ابدا، لا عشت لحظة على وش الدنيا لو اختي اللي طلعت بيها من الدنيا ظهرها ينحني ولا يتكسر… انا معاكِ يا حبيبتي هسندگ واشيل همگ وحزنگ، وهنعدي اي حزن وتعب مهما يكون.
بحديثه هذا ابكى “سند” كل الواقفين، فزادت بكاء”غزال” فجفف الشلالات المنسابه من مقلتيها، ونهضت معه لتستقل سيارته، وهناگ عيون دامعه، ترمقها وقلب يذرف دم من اجلها، كم كان يتمنى أن تكون احضانه هي موطنها الذي تلجأ إليه، وهو من يخفف الآمها ويجفف ادمعها، لكنه ليس من حقه التقرب من نيرانها حتى يطفئها، ويبدل كل هذا الحزن لفرحه.
ياترى هيقدر أمان يخرج غزال من حالة الحزن اللي سيطرت عليها؟
والاهم هل غزال هتقدر تقاوم بحر احزانها وتتفادى تلاطم امواج الحزن وترسى لبر الامان؟
للإجابة على تلگ الأسئلة تابعوني في روايتي الجديدة المتواضعة
“الغزال الباكي”